بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
هذا باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب تنبيه الغافلين لأبي الليث نصر بن محمد بن أحمد بن ابراهيم الفقيه السمرقندي
( قال الفقيه ) أبو الليث : حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا ابراهيم بن يوسف قال حدثنا ابن أبي فديك عن يحيى بن عبد الرحمن رضي الله عنهما عن جده محمد بن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( ما منكم من أحد سلّم عليّ إذا مت إلا جاءني جبريل فقال جبريل يا محمد هذا فلان ابن فلان يقرئك السلام فأقول و عليه السلام و رحمة الله و بركاته )) .
قال : حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه قال : قال عمر : بلغني أن الدعاء يُحبس بين السماء و الأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك عليه الصلاة و السلام .
قال : حدثنا الفقيه أبو جعفر رضي الله تعالى عنه حدثنا أبو بكر بن أبي يزيد و في نسخة سعيد قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن سلمة عن موسى الطويل عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صعد المنبر فقال آمين ، ثم صعد فقال آمين ، ثم صعد فقال آمين ، ثم استوى فجلس ، فقال له معاذ بن جبل صعدت فأمّنت ثلاثا ؟ قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يُغفر له فمات فدخل النار فأبعده الله قلت آمين ، و قال من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قلت آمين ، قال و من ذكرتَ عنده فلم يُصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قلت آمين )) .
و روي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( من صلى عليّ في اليوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين منها في الآخرة و ثلاثين في الدنيا )) .
و عن سعيد بن عمير الأنصاري و كان بدريا أي قاتل يوم بدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( من صلّى عليّ من أمتي مخلصا من قلبه صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات و رفع له عشر درجات و محا عنه عشر سيئات )) .
قال :و سمعت أبي يحكي قال كان سفيان الثوري بينما هو يطوف إذ رأى رجلا لا يرفع قدما و لا يضع قدما إلا و هو يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم قال قلت له يا هذا إنك قد تركت التسبيح و التهليل و أقبلت بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم هل عندك في هذا شيء ؟ قال من أنت عافاك الله ؟ فقلت أنا سفيان الثوري ، قال لولا أنك غريب من أهل زمانك ما أخبرتك عن حالي و لا أطلعتك على سري ، ثم قال لي : خرجت ُ و والدي حاجا إلى بيت الله الحرام حتى إذا كنت في بعض المنازل ، مَرِضَ والدي فقمت لأعالجه فبينما أنا ذات ليلة عند رأسه إذ مات والدي و اسودّ وجهه ، فقلت إنا لله و إنا إليه راجعون فجذبت الإزار على وجهه فغطيته ، فغلبتني عيني فنمت فإذا أنا برجل لم أر أحسن منه وجها و لا أنظف منه ثوبا و لا أطيب منه ريحا يرفع قدما و يضع أخرى حتى دنا من والدي فكشف الإزار عن وجهه فأمرّ يده على وجهه فابيض ثم ولى راجعا ، فتعلقت بثوبه فقلت : أعبد الله من أنت الذي منَّ الله على والدي بك في أرض الغربة ؟ قال أو ما تعرفني أنا محمد بن عبد الله صاحب القرآن ، أما إن والدك كان مسرفا على نفسه و لكن كان يكثر الصلاة علي ّ فلما نزل به ما نزل استغاث بي و أنا غياث لمن أكثر الصلاة عليّ فانتبهت فإذا وجه أبي أبيض .
و روي عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ((من نسي الصلاة عليّ فقد أخطأ طريق الجنة )) .
و عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (( أربع من الجفاء أن يبول الرجل و هو قائم و أن يمسح جبهته قبل أن يفرغ من الصلاة ، و أن يسمع النداء فلا يشهد المؤذن ، و أن أُذكر عنه فلا يصلي عليّ )) .
و روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (( صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ زكاة لكم و اسألوا الله لي الوسيلة قالوا وما الوسيلة يا رسول الله ؟ قال : أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد و أنا أرجو أن يكون أنا هو )) .
( قال الفقيه ) رحمه الله تعالى معنى قوله صلى الله عليه و سلم (( زكاة لكم )) يعني طهارة لكم و مغفرة لذنوبكم فلو لم يكن للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثواب سوى أن يُرجى بذلك شفاعته لكان الواجب على العاقل أن لا يغفل عنه فكيف و فيها مغفرة الذنوب و فيها الصلاة من الله تعالى .
وروي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ((من صلّى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات و حُط َّ عنه عشر خطيئات ))
و إذا أردت أن تعرف أن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أفضل من سائر العبادات فانظر و تفكّر في قول الله سبحانه و تعالى { إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلّموا تسليما } ففي سائر العبادات أمر الله تعالى عباده بها ، و أم الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فقد صلى عليه بنفسه أوّلا و أمر ملائكته بالصلاة عليه ، ثم أمر المؤمنين بأن يصلّوا عليه ، فثبت بهذا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أفضل العبادات .
و روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال (( قلنا يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ قال قولوا اللهم صلّ على محمد و على آل محمد و بارك على محمد و على آل محمد كما صليت و باركت على ابراهيم و على آل ابراهيم إنك حميد مجيد )) .
و قال بعضهم : الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أن يقول اللهم صليت أنت و ملائكتك على محمد ، و قال بعضهم : الصلاة عليه أن يقول اللهم إني أُ شهدك و أُشهد ملائكتك أني أُصلي على محمد ، و قال بعضهم أن يقول الله صلّ على محمد و على آل محمد النبي الأمي ّ و على آله و أصحابه كلما ذكرك الذاكرون و غفل عن ذكره الغافلون .
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين إلى يوم الدِّين .