رحلات الفضاء الروسية
تاريخ علم الفضاء السوفيتي والروسي
قسطنطين سيولكوفسكي مؤسس نظرية التحليق بين الكواكب في أواخر القرن التاسع عشر عاش ببلدة كالوغا قرب موسكو معلم ثقيل السمع، وكان يزاول لوحده وضع التصاميم العلمية للتحليق في الفضاء.
وقد قام هذا الشخص بوضع أسس التصميم الحالي للصواريخ. ولكن معاصروه لم يفهموا آنذاك أفكاره.
لقد كان سيولكوفسكي مؤسس نظرية التحليق بين الكواكب. وكان أول من درس مسألة تصنيع صاروخ قادر أن يكون تابعا إصطناعياً للأرض، وأعرب عن فكرة إنشاء محطات قرب الارض كمستوطنات إصطناعية تستخدم الطاقة الشمسية.
وقد ساعدت مؤلفات سيولكوفسكي العلمية الى حد كبير على تطوير الأجهزة والمعدات الصاروخية والفضائية في الإتحاد السوفياتي والبلدان الإخرى.
مساهمة سيرغي كورولوف في غزو الفضاء
من أهم ورثة أفكار سيولكوفسكي – المصمم والعالم في ميدان هندسة الصواريخ وتكنولوجيا الفضاء سيرغي كورولوف.
وقد كان كورولوف لدى قيامه بتصميم الصواريخ الحربية الباليستية يسعى الى امور أهم من ذلك أي الى غزو الفضاء وتحليق الإنسان بين الكواكب.
في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1957 أطلق كورولوف من مطار بايكونور الفضائي الى المدار القريب من الأرض أول قمر إصطناعي تابع للأرض في تاريخ البشرية.
وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته أطلق القمر الإصطناعي السوفياتي الثاني وكان أول قمر تابع للأرض يُقِلُ كائناً حياً، فقد كان على متنه الكلبة لايكا.
وفي الثاني من يناير/كانون الثاني عام 1959 إنطلق من مطار بايكونور الفضائي الصاروخ الحامل "فوستوك" الذي أخرج محطة "لونا - 1" السوفيتية الأوتوماتيكية الى مسار التحليق نحو القمر.
وقد أصبحت هذه المحطة أول تابع إصطناعي للشمس.
وفي الثالث عشر من سبتمبر/أيلول عام 1959 وصلت مركبة "لونا - 2" للمرة الأولى في العالم إلى سطح القمر حيث أقلّت إلى هناك علمًا رُسم عليه شعار الاتحاد السوفيتي. وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1959 بثت المحطة الفضائية الاوتوماتيكية : "لونا – 3" أول صور للجهة غير المنظورة من القمر.
في 15 مايو/أيار عام 1960 أخرج الصاروخ الحامل "فوستوك" إلى المدار القريب من الأرض أول مركبة - قمر اصطناعي وفي 19 اغسطس/آب عام 1960 جرى إطلاق المركبة - القمر الاصطناعي من طراز "فوستوك" وعلى متنه الكلبتان بيلكا وستريلكا اللتان عادتا في اليوم التالي إلى الأرض بنجاح. فللمرة الأولى في التاريخ ارتادت الفضاء كائنات حية وعادت غلى الأرض في حالة سليمة.
وفي 12 أبريل / نيسان عام 1961 أثار كورولوف مجدّداً الاندهاش والذهول لدى الرأي العام العالمي. فبعد إنشاء أول سفينة فضائية مأهولة "فوستوك" قام هذا العالم الكبير بتحقيق أول تحليق للإنسان في الفضاء فأطلق يوري غاغارين على متن هذه السفينة إلى المدار القريب من الأرض.
تحليق الإنسان في الفضاء
بحلول الأول من مارس/آذار عام 1960 تمّ انتقاء مجموعة من 20 ملاحاً فضائيّاً مقبلاً. سجل 12 منهم في الفصيل الاول لرجال الفضاء. وقد اجتاز المشاركون تجارب وتدريبات صعبة ومعقدة للغاية حيث كان امام منظمي التحليق القادم مهمة النظر في كافة الضغوطات المحتملة على جسم الإنسان فضلاً عن جميع الحالات الطارئة والمفاجئة التي قد تحدث في الفضاء.
وقد كان يوري غاغارين في عداد المجموعة الأولى. وفي 12 ابريل/نيسان عام 1961 كان غاغارين أول إنسان في العالم يقوم بتحليق إلى الفضاء على متن سفينة الفضاء "فوستوك". وقد استغرق هذا التحليق ساعة و48 دقيقة.
الغزو اللاحق للفضاء
في عام 1963 أرسل الاتحاد السوفيتي إلى الفضاء أول رائدة فضاء وهي فالنتينا تيريشكوفا التي أمضت 71 ساعة وأجرت 48 دورة حول الأرض.
في عام 1965 قام رجل الفضاء بأول خروج إلى الفضاء المكشوف حيث أمضى 20 دقيقة.
في 15 يوليو/تموز عام 1975 بدأ من خلال إطلاق سفينة الفضاء السوفيتية "سيوز - 19" وسفينة الفضاء الأمريكية "أبولون" أول تحليق مشترك في التاريخ لممثلي بلدان مختلفة. فقد جرى في الفضاء التحام هاتين السفينتين الامر الذي أصبح فيما بعد أساساً لمحطة فضائية دولية مقبلة.
في الفترة الواقعة بين عام 1971 وعام 2001 استمر في المدار عمل المحطات الفضائية الطويلة المدى. ومنها محطة "مير" التي واصلت عملها في غضون 10 سنوات.
ومنذ عام 1998 بدأ العمل في تجميع المحطة الفضائية الدولية الذي شاركت فيه روسيا على نحو فعّال. ومنذ عام 2000 تتواجد في المحطة بصورة دائمة بعثات علمية. وبحلول أواخر عام 2007 كان قد عمل في المحطة 16 بعثة طويلة الأمد شارك فيها 17 رجل فضاء روسي و20 رجل فضاء أمريكي من وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا". كما زار المحطة في بعثات ابحاث علمية قصيرة 7 من رجال الفضاء الروس و79 من وكالة "ناسا" إلى جانب 21 رجل فضاء أوروبي وكذلك ممثلو كندا واليابان فضلا عن 5 سياح فضائيين.
روسيا والعرب في مجال الفضاء
للتعاون العربي الروسي في مجال الفضاء تاريخ طويل. ويجري التخطيط لتطويره بشكل مضطرد في المستقبل. فقد احتفلت روسيا وسوريا مؤخرا بالذكرى العشرين لأول رحلة فضائية سوفييتية - سورية مشتركة. بدأ هذا التعاون حينما قام رائد الفضاء السوري محمد فارس برحلة فضائية على متن مركبة فضائية سوفيتية استغرقت حوالي 8 أيام في يوليو/تموز عام 1987.
وتتصدر السعودية قائمة الدول العربية التي انضمت بفضل الصواريخ الفضائية الروسية إلى نادي الدول التي تملك أقمارا صناعية في المدار. فمنذ عام 2002 وحتى يومنا هذا نقلت الصواريخ الروسية إلى المدار 13 قمرا صناعيا سعوديا من طراز "سعوديسات" و"سعوديسات-3" و"سعوديكومسات". بالإضافة إلى "عربسات-4 ب" (Arabsat -4B)، الذي يقدم الخدمات في مجال البث الرقمي التلفزيوني والاتصالات الهاتفية، وتوفير منفذ إلى الإنترنت لسكان دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي عام 2001 انطلق أول قمر صناعي مغربي "ماروكتوبسات" من قاعدة بايكونور الفضائية لمتابعة الغطاء النباتي ومواقع الأجسام المتنقلة. ومنذ ذلك الحين يتطور باستمرار التعاون بين وكالة الفضاء الروسية والمركز الملكي للاستشعار البعدي الفضائي بالمغرب. وفي العام التالي نقل الصاروخ الروسي "كوسموس-3 إم" أول قمر صناعي جزائري ( ألسات) يدور حول الأرض للاستشعار عن بعد. ومنذ عام 2004 وقعت اتفاقية بين روسيا والجزائر حول التعاون في مجال التكنولوجيا الفضائية وتطبيقها.
كما عقدت اتفاقية بين وكالة الفضاء الروسية والهيئة العامة للاستشعار عن بعد والعلوم الكونية المصرية للعمل المشترك في مجال الفضاء، حيث نقل الصاروخ الروسي - الأوكراني "دنيبر" من قاعدة بايكونور القمر الصناعي المصري "مصرسات - 1" ضمن مجموعة تشمل 14 قمرا صناعيا مختلفا في أبريل/نيسان 2007.
وأخيرا أبدت دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماما بالتعاون مع روسيا في مجال بحث الفضاء الكوني واستثماره عبر مباحثات أجراها وفد من الإمارات برئاسة الشيخ مانع بن حشر آل مكتوم رئيس شركة "Sheik Manea Bin Hasher Group" مع رئيس وكالة الفضاء الروسية أناتولي برمينوف في يوليو/تموز عام 2006 حول هذا الموضوع .