الرابط: مقالات ساخرة
وليد رباح
قبل سنوات .. تبرع حاكم عربي بمبلغ عشرة ملايين جنيه استرليني لحديقة الحيوان في لندن .. لشراء منظومة تدفئة جديده للحيوانات لانها لا تشعر بالدفء في فصل الشتاء .. وقبله تبرع امير يقال انه عربي بمبلغ ثلاثة ملايين دولار للقطط التائهة في فلوريدا لانها ( يا حرام) تأكل من المزابل .. مع اننا لم نر قطة واحدة في امريكا تأكل من المزابل .. ودفعت هذه الاموال في حينها ولم تستقطع منها الضرائب .. لان منظمات الكلاب والقطط هيئات غير ربحيه وغير خاضعة لنظم الضريبة في هذا العالم .. هذا على الصعيد التبرعي العربي السخي .. اما على صعيد التبرع الامريكي والاوروبي للقطط والكلاب والحيوانات التائهة فهي اكثر من ان تحصى .. انها القلوب الرقيقة التي تخدش عندما ترى الحيوان يرتعد من البرد او تصيبه الحمى او الانفلونزا نتيجة عدم تدفئته بشكل جيد .
وقبل ذلك او بعده .. تبرعت العديد من الدول العربية .. النفطية منها وغير النفطية .. بمبالغ تصل الى اربعين مليونا للانتفاضة الفلسطينيه . ولكن هذه الاموال لم تصل .. وعلى الارجح ان الذي وصل منها لا يكفي لتدفئة خمسين قطة اصيبت بالبرد في ضواحي مدينة مثل مدينة هيوستون في تكساس .
واذا ما اردنا المفاضلة بين ان يموت الفلسطيني جوعا وبردا .. وبين ان تموت القطط والكلاب من الجوع والبرد ايضا .. لوجدنا ان نصيب القطط والكلاب لا يقاس بالنسبة للدم الفلسطيني الذي يراق يوميا على تراب فلسطين . وما ذلك الا لان الامير او الملك او السلطان العربي يتمنى في قرارة نفسه ان يموت الفلسطيني وتحيا القطط . ان لا يجد الفلسطيني في غزة اللقمة في وقت تجده الحيوانات على اختلاف انواعها في اقفاص حدائق الحيوان في كل الدول الغربية التي تحترم حيواناتها اكثر مما يحترم حكام العرب انسانهم .
ورغم ان الشعب العربي يعرف انه عند حكامه اقل قيمة من القطط والكلاب .. وان الاجهزة التي تحمي ربابنة سفن الحاكم قد اخترعت خصيصا لقمع الشعب وتكميم الافواه وقطع الارزاق .. فان هذه المعرفة اليقينية تجعلنا نعطي العذر قليلا او كثيرا لمن يخرجون في هذا العالم ويعلنون استباحة الدم العربي واعتباره في رخص الماء .. لان الدم نفسه لا يحترم في وطنه .. بمعنى ان الحاكم العربي يحتقر الدم العربي فكيف نطلب من لا يحترم العربي اصلا ان يدافع عن دمائه .
وقبل كل ذلك .. اعلنت الممثلة المعتزلة بريجيت باردو الفرنسية .. انها تقوم بحملة عالمية على مستوى اعلامي يتكلف الملا يين لمنع ذبح الكلاب في كوريا . فالكلب ( انسان) صادق ومخلص .. وعملية ذبحه واكله وتصديره للموائد يعتبر عملا اجراميا لا مثيل له في التاريخ( تصور) لا مثيل له في التاريخ .. ولم تتحرك جناب الممثلة المعتزلة عندما يقصف العراق بملايين الاطنان من المتفجرات .. او عندما تقوم القوات الاسرائيلية بقصف المدنيين بالجمله .. لم يحركها ضميرها الانساني بل حركها ذبح الكلاب في كوريا .. الم اقل لكم ان الدم العربي رخيص الى الدرجة التي يتاجر به حكامنا ويبيعونه بارخص الاثمان .
واذا كنا نعطي لبريجيت باردو بعض الحق في حديثها هذا .. فانها قامت منذ سنين طويلة ربما تجاوزت العشر بحملة اعلامية كلفتها ثمانية ملايين دولار ركزت فيها على مهاجمة المسلمين لانهم يذبحون الخراف في الحج . على اعتبار ان الخاروف ( انسان) لطيف مسالم ووديع ولا يجب ذبحه .. بل يجب وضعه على المائدة دون ذبح والتغزل بصوفه ونعومة اظلافه ورقة طبعه فلا يؤكل . ولم تكن باردو هي الوحيدة التي نادت بذلك .. بل قد سبقها ابو العلاء المعري الذي كان لا يأكل اللحم بحجة ان الحيوان الذي ذبح لا يستطيع الدفاع عن نفسه عند الذبح .. وقال لمن وصفوا له اللحم دواء : هلا ذبحتم الاسد في عرينه بدل ان تذبحوا شاة مسالمة وديعه .
لا نريد ان نذهب بعيدا في حمل الامراء والحكام والممثلات ان يتعاطفوا مع الدم العربي الذي يراق في اكثر من مكان في هذا العالم .. فقد علمنا جميعا ان حكامنا ( لا اطال الله بقاءهم) يأتمرون بامر الغرب ويتشبهون به .. فان قال الغرب ترفقوا بالكلاب والقطط خرجت الفرمانات من قصور حكام العرب لكي تنعي من يضطهد كلبا او يركل قطة وتنذره بالسجن والثبور وعطائم الامور ، وان قال الغرب لا تترفقوا بالقطط والكلاب فانها سبب الامراض المنتشرة والمتفشية .. تحركت جيوش العرب بقضها وقضيضها لاصطياد الكلاب والقطط التائهة من الشوارع ومن على المزابل حتى لا يصيب المرض انسانها الذي لا تحترمه اكثر مما تحترم الكلاب والقطط
انه عصر الخرافه .. عصر لا وجود للالوان فيه .. فهو عصر يجيز ان لا يذبح الكلاب في كوريا ويجيز ان يذبح الاطفال في العراق وغزه .. يجيز ان لا تتيه القطط في شوارع فلوريدا ولكنه يجيز لاطفال الافغان ان يناموا في العراء دون طعام او شراب في وضع تعتبر القطط التائهة افضل حالا منهم .. انه عصر يجيز ان يقتل الناس بالجمله ,, وان لا يصاب كلب بمجرد خدش بسيط لانه لا يستحق ذلك .. انه عصر القوة .. عصر امريكا .. عصر اسرائيل .. فمتى يأتي عصرنا بعد ان تعبنا من كل ذلك ؟
wrabah@arabvoice.com
www.arabvoice.com