ماذا عن إدخال مواد تدريسية تقدم هذه الثقافة داخل المدارس و الجامعات
مازالت مصطلحات كالصحة الإنجابية و الثقافة الجنسية التي صدأت مع مرور الزمن حكراً على دوائر حصرية منها ورشات العمل التي تقام بين حين ، و آخر أو المؤتمرات و الندوات التي تنعقد على نطاق ضيق كأن الأمر هو إيصال الصوت فقط ،
و يا حبذا أن يكون هذا الصوت عالياً ، و لو لبعض الشيء لكن ما نسمعه هو همس في الآذان لا يسمعه قريب و لا بعيد !! فإذا سألنا : إلى أين وصلنا في مجال الصحة الإنجابية و توعية الشباب ؟؟ و هل نقوم بوضع خطط لمواجهة هذا الكم الهائل و الدفق من الأخبار و الأفلام ، و القصص التي تروج بشكل خاطئ ، و تدخل عقول الشباب بسهولة و يسر عبر طرق متعددة و مختلفة من أبرزها التلفاز .. أو الأفلام الإباحية المستأجرة التي تباع في عتمة الليل ؟؟ و إلى متى نبقى مغمضي الأعين عن قضية لابد من البدء في طرحها دون خجل ؟؟ .
إن كان هذا حال الشباب الذي يقف أمام تلك المصطلحات شاحب الوجه و البعض الأخر يعتبره مشكلة لا يمكن الاقتراب منها أو حتى مناقشتها مع أهله في البيت أو أستاذه في المدرسة أو على مقعد الجامعة بدافع الخجل و هم الأكثر حاجة إلى ثقافة جنسية واعية تنتشر بشكل جيد و تقدم لهم التوعية لكثير من الأمور و القضايا الخافية عليهم فما حال الأطفال إذاً و كيف لنا أن نقدم لهم معلومات عن الصحة الإنجابية خاصة أن العلم الحديث أثبت ضرورة تقديم معلومات حسب أعمارهم .
· على مقاعد الدراسة :
بعض من الشباب لا يرغب في مناقشة هذا الموضوع و بالمقابل تقدم الكثيرون و أخذوا يتحدثون حول هذه القضايا بكل وضوح دون خجل فالشاب محمود أسود ـ طالب ثانوي قال حين سألناه هل تشعر بالحرج في مناقشة هذه القضايا مع المحيط الذي تعيش به البيت ، المدرسة .. قال : نعم .. أشعر بحرج و خجل شديد خاصة أمام والدي و في المدرسة أيضاً و لكنني اشعر بالحاجة الملحة لمعرفة الكثير عن الثقافة الجنسية بطرق سليمة لكن على أرض الواقع لا يوجد من يوجهنا أو يقدم لنا هذه الإرشادات لي و لزملائي .
إن كان هذا أمر الطالب محمود الذي التقيناه في إحدى الأحياء الشعبية التي ينقصها الكثير و بعيدة عن مرمى الورشات أو الندوات التي تعقد هنا و هناك فشباب آخرون لا يشعرون بالخجل لكن ليس أمام عائلاتهم بل أمام أصدقائهم هذا ما تحدث به أيضاً الطالب جمعة الأبرش ـ طالب ثاني إعدادي حيث قال : أصدقائي هم النافذة الوحيدة التي يمكن أن أعتمد عليهم في مثل هذه القضايا فبإمكاننا أن نجلس لساعات طويلة أو قصيرة بعد انتهاء الدوام لنتحدث في مثل هذه القضايا و أحياناً يجلب أحد الأصدقاء أثناء فترة الاستراحة ما بين الحصص الدراسية ( كتيبات ) و نبتعد عن زملائنا و نجلس لقراءتها .
الشاب رامي . خ ـ جامعي قال : نتمنى أن تكثف الجهود في هذا المجال و أن تقدم التوعية الصحيحة خاصة إن علمنا ما يقوم به البعض ، فهذه الثقافة ستكون لهم رادعاً و موجهاً و درعاً من الأمراض و هي بالتالي مهمة جداً .
· خجل في المعلومات :
و من الشباب إلى المعلمات تحديداً لأنهن يلاقين حرجاً شديداً أكثر من المعلمين خاصة إذا كانت المعلمة تقوم بتدريس الطلاب التقينا المعلمة الشابة " منى " التي أكدت أنها تشعر بالحرج الشديد حتى من هذا اللقاء لكن بكل ثقة وجرأة تناولت الحديث عنها المعلمة " أم أحمد " على حد زعمها ـ و هي مدرسة علوم لتقول : لا أخفي أنني أجد صعوبة في إعطاء بعض الدروس التي تصادفني في المرحلة الإعدادية على الطلاب و هذا الأمر طبيعي فهم يمرون في مرحلة المراهقة و هذه المرحلة تجعلهم بحاجة للمعلومات عن التطورات التي تطرأ عليهم و لكنني أستطيع أن اكمل درسي بشكل بسيط و أحاول أن أدخل في ذهنهم أهمية هذه الصحة الإنجابية و الفائدة منها و قد يعود هذا الفضل للتجربة الطويلة و الخبرة التي مررت بها في مجال العمل التربوي ... أما معلمات أخريات لم تكن مثل المعلمة أم أحمد فبعضهن يتحاشين الدخول في هذا المجال .
· ما هو المطلوب ؟؟ :
توجهنا إلى كلية التربية و التقينا الأستاذ الدكتور يوسف سعد أستاذ التربية في جامعة حلب و سألناه عن أهمية إعطاء المعلومات للشباب في هذا المجال وما يمكن أن تنفذه الجهات المختصة حيث قال : تعتبر الثقافة الجنسية واحدة من أهم أنواع التوعية خاصة للشباب ، و الصغار و لابد من اعتبارها بالأهمية كالتربية العقلية و الجسدية و لكن مجتمعاتنا المحافظة تعتبرها خطاً من الخطوط لا يمكن تجاوزها و حتى في محاضراتنا نجد صعوبة و الطلبة يشعرون بالخجل و تجد وجوههم قد احمرت خجلاً و حرجاً و هم في الجامعة و علينا أن نتنبه إلى أهمية أن يتلقى الطفل أيضاً هذه التربية و لا ننتظر حتى يكبر و نبدأ بتقديم المعلومات و هذه التربية تبدأ منذ سؤال الطفل : من أين أنا جئت ؟؟ و كيف وصلت إلى هذه الحياة ؟؟ و هذه الأسئلة كثير من الأهالي يتهربون منها ، بل لابد أن تكون الإجابة على هذه الأسئلة مركزة و واضحة فما المانع في بادئ الأمر أن نقول له أنك جئت من ( الصره ) و بالتالي نلقن له المعلومات حسب عمره .. و يمر المراهق بعد ذلك بتغيرات كثيرة فنجده منعزلاً و لا يعلم شيئاً عن التغيرات الحاصلة معه مع نمو عضوه الذكري أو ظهور الشعر و ضخامة طبقة صوته و تغيرات جسدية مختلفة و المراهقة كذلك منعزلة حتى أنها لا تتجرأ على الحديث مع والدتها حول الدورة الشهرية .
و عن الوسائل التي يجب اعتمادها في المدارس لكي نبسط تلقي المعلومات قال الدكتور سعد : هناك جدل إلى الآن في مجال تقديم الثقافة الجنسية من كتاب مستقل أو أن تكون داخل الكتاب و برأي أنه لابد من وجود كتاب مستقل بالتربية الجنسية كما لابد من تشكيل لجنة مختصة و نحن على استعداد للمشاركة في هذا المجال من قسم العلوم و قسم التربية و تقرر الآلية المناسبة لإحداث مادة و تأليفها لتدرس في المدارس خاصة إذا علمنا أن هذه الغريزة تؤثر على السلوك .
· الوجه الآخر :
نتمنى أن نجد وجهاً آخر يتعامل مع هذه القضية التي باتت من القضايا المهمة لما يواجهه شبابنا من أفكار خاطئة و أساليب مختلفة و متعددة لتربية جنسية غير سليمة و هنا يبرز دور المنظمات و النقابات التي تهتم بشؤون الشباب و التربية و يبرز دور الجمعيات التي تهتم بالأسرة ليس لعقد المؤتمرات في أفخم الفنادق و القصور بل أن نتبع الهرم المقلوب و أن نتوجه إلى أبعد نقطة من ريفنا السوري و نقدم التوعية و الفائدة و آن الآوان أن نفتح هذا الباب المغلق و أن نتجاوز هذا الخط الأحمر الذي رسمته عاداتنا و تقاليدنا البالية و نتحدث بمنتهى الوضوح و الصراحة حفاظاً على شبابنا و أطفالنا .